شيقة وثم شيقة

عندما تتكلم الحيوانان !! ... موضوع شيق

وهل بمقدور الحيوان أن يتكلم؟! وما حاجته للكلام؟! إن الحيوان محتاج فعلاً
إلى (الكلام) ، ولا بد له أن (يتكلم) ولو بطريقته الخاصة ، ولكن أية لغة هذه (يتكلمها) الحيوان؟!
مما لا شك فيه أن لغتنا نحن البشر هي أرقى أنواع اللغات وأدقها وأشملها تعبيراً عن كل
خلجة من خلجات النفس ، وما دام الإنسان هو أرقى الحيوانات وقد خصه الله تعالى بالعقل المدبر ، فمن الطبيعي
أن تكون لغة هذا المخلوق الذي خلقه الله في أحسن تكوين هي أرقى اللغات جميعاً.
ولما ألهم الله الإنسان ومنحه القدرة على ابتكار لغة يتفاهم بها فلقد منح الحيوان تلك القدرة
على التفاهم ، ولم تبتكر الحيوانات لغاتها نتيجة عقل وفهم ، ولكن نتيجة غرائز
أودعها الله أجسامها وتركيبات معينة تؤدي إلى نوع من التفاهم بين أفراد النوع الواحد
بالقدر الذي هم في حاجة إليه والذي من شأنه استمرار بقاء النوع وتحقيق رغباته الغريزية
التي هي كل ما يحتاج إليه.

وتتفاهم كل طائفة من الحيوانات مع بعضها البعض بوسائل مختلفة منها: الحركة ، والصوت ،
والضوء ، والرائحة. وفيما يلي فكرة مختصرة عن كل وسيلة من هذه الوسائل:

التفاهم عن طريق الحركة: تظهر هذه الوسيلة من وسائل التفاهم أكثر ما تظهر في بعض الحشرات
كالنحل.




ومن المعلوم أن النحل لا يعيش فرادي وإنما في مستعمرات ، ولكل مستعمرة ملكة ،
وبالمستعمرة ذكور وعمال وجنود ! ، ولكل منهم وظيفة محددة.
فوظيفة الذكور تلقيح الملكة ، أما وظيفة الملكة فهي وضع البيض ، ووظيفة الجنود
حماية المستعمرة ، أما العمال أو الشغالة فوظيفتهم إحضار الطعام لأفراد المستعمرة والقيام
بأعمال أخرى. ولأهمية الملكة باعتبارها الفرد الوحيد في المستعمرة الذي ينجب الذرية ، وهي عملية
تحتاج لنوعية خاصة من الغذاء الذي من شأنه تكوين عدد هائل من البيض ، فإن الملكة يقدم
لها العمال غذاءً متميزاً عن غذاء باقي المستعمرة !.

وتعتبر كيفية حصول العمال على الغذاء ظاهرة مذهلة ، إذ لو اكتشف أحد العمال
حقلاً أو كمية من النباتات تعتبر مصدراً للغذاء ، فإنه يعود للمستعمرة ليخبر باقي العمال
عن هذا الكنز الذي اكتشفه ! وذلك عن طريق طقوس رقص عجيبة تفعلها النحلة بطريقة غريزية
دون أن تدري لماذا تفعل هذا ؟ إنها ترفض رقصات غريبة ذات دلالات معينة ، إذ أن جسمها
يصنع في أثناء الرقص زاوية تدل على زاوية الشمس.
وإذا كان الحقل الذي اكتشفه قريباً من المستعمرة فإن الرقصة في هذه الحالة
تختلف هي والرقصة في حالة بعد الحقل مسافة أطول. ومن هذه الرقصات يفهم النحل
أن حقلاً من البرسيم أو غيره من النباتات ذات الأزهار التي يحضر النحل غذاءه منها على
بعد معين والطريق إليه يقتض السير بزاوية معينة بالنسبة لمكان الشمس !
فيؤدي بعض العمال الرقصة نفسها ، عند ذلك تطمئن النحلة التي اكتشفت الحقل
إلى أن باقي النحل قد فهم ما تريد أن تقول ، فيطير باقي الأفراد ويصلون مباشرة إلى ذلك
الحقل لإحضار مزيد من الغذاء !.
إن النحلة المكتشفة قد نقلت برقصتها إلى النحل الذي في المستعمرة عدداً
من المعلومات. ولو حاولنا نحن البشر أن نتوصل إلى ما توصل إليه النحل من فهم
لهذه الطلاسم عن طريق رسم بياني لا يستغرق منا وقتاً لا يقل عن ثلث ساعة إذا كان
لدينا إلمام كافٍ بالعلوم الرياضية. ولكن النحل يفهم كل ذلك في الحال ويطير نحو
الحقل في خط مستقيم ليحضر ما يلزمه من غذاء !

التفاهم عن طريق الصوت: لعل الصوت من أكثر وسائل التفاهم انتشاراً في عالم الحيوان
ناهيك عن أنه من أهم الوسائل للتفاهم في عالم الإنسان.
وتصدر معظم الحيوانات أصواتاً حتى الحشرات. فقد تكون لغة التفاهم
بين الحشرات عن طريق الصوت: فللحشرة أعضاء تلتقط الذبذبات الصوتية
ويمكننا تسمية هذه الأعضاء آذاناً ، ولكنها تختلف هي وآذاننا اختلافاً كبيراً: فهي تعمل
في الحدود التي تحتاج إليها الحشرة ، فأذن الإنسان تسجل نحو ثلاثين ألفاً من
الذبذبات في الثانية على حين أن أذن الحشرة ، إذا أسميناها أذناً ، تسجل أصواتاً
ذات ذبذبة أقل من تلك التي تسجلها أذن الإنسان ومن الصعب علينا أن نسمعها: ففي
ذكور حشرة (( النطاط ))

ترى وهي تحك أرجلها في أجسامها فلا نسمع لذلك صوتاً ،
ولكننا نشاهد الإناث تهرع نحو الذكر بعد هذه العملية ، مما يدل على أن هذه الاحتكاك
قد أحدث أصواتاً سمعتها الإناث ولم نسمعها نحن !.
كذلك تحدث أنثى البعوض صوتاً بذبذبات أجنحتها يسمعه الذكر من بعيد
حيث يلتقطه عن طريق قرون استشعاره الريشية الشكل ، فيسرع إلى
الأنثى لتلقيحها !.
ومن الحشرات ما يحدث أصوات موسيقية ، وإذا أمكننا حشد جميع الحشرات
الموسيقية تكون أوركستر من نوع عجيب ! والأعجب من هذا
أن مهمة الترانيم والصرصرة تقع في المحل الأول على عاتق الذكور !.
ويلاحظ أن الأنثى لا تتجذب إلا إلى أغنية يعزفها ذكر من نوعها نفسه. ولا تعنيها
في قليل أو كثير الأغاني الأخرى المختلفة التي تعزف حولها ، وحين سماع الأنثى
لأغنية الذكر فإنها تطير إلى حيث يتم الزواج ولا تخف إلى أي نوع سواه ، أي أن الأنثى
فهمت الفرص من الأغنية التي يعزفها لها الذكر واستجابت لها.
وعندما تتقارب ذبذبات نوعين فإنه لكي يضمن الذكر وتضمن الأنثى فتخف إلى
لقاء ذكر من غير نوعها !.
وكما أن الأنثى تفهم لغة الذكر من نوعها فإن الذكور التي من نوع واحد يفهم
كل منهم الآخر ، وتكون من نتيجة ذلك أن يتجمع عدد كبير من الذكور في منطقة
واحدة حيث يقومون معاً بعزف الأغنية على هيئة ( كورس ) وبهذا يرتفع الصوت ويجذب
عدداً كبيراً من الإناث !.
ومن الغريب أن الذكور لا تكرر الأنغام نفسها ، إذ لا يوجد نغم واحد معين
لكل ذكر ، بل يعزف معظم الذكور ثلاثة أنغام مختلفة يدل كل منها على حالة معينة.
فإلى جانب الأغنية العادية التي يجذب الذكر بها الأنثى أغنيتان أخريان : إحداهما عندما
يتقابل ذكران معاً حيث يغنيان معاً أغنية ذات نغم مختلف ، هي أغنية التنافس ،
حيث يتنافس ذكران في الحصول على الأنثى ، ولا تميل الأنثى إلى الانجذاب
لمثل هذه الأغنية ، إذ يبدو أنها لا تحب أن تضع نفسها في موضع التنافس بين ذكرين !.
ولا تستجيب الأنثى لأغنية الذكر في جميع الأحيان حتى لو ظل ساعات طوال
يشنف أذنيها بالعزف المتواصل ، إذ أن الأنثى لا تهتم بأغنية الذكر إلا في أوقات معينة ،
وذلك عندما ينضج البيض الذي تحمله في مبايضها ويصبح مهيأ للتلقيح
بالذكر ، إذ أن التقاء الذكر بالأنثى في هذه الحشرات ليس الغرض منه الحصول
على اللذة والمتعة كما هي الحال في الإنسان ، ولكن الهدف منه إنجاب
الذرية ولا شيء غير ذلك ، فلا تستجيب الأنثى للذكر إلا عندما تضمن
أن هذا اللقاء سيكون سبباً في إنجاب الذرية لحفظ النوع !.
ففي كثير من أنواع النطاطا عندما تشعر الأنثى بالرغبة في تلقيح
بيضها نجدها ترد على أغنية الذكر بعزف أغنية من النوع نفسه ، ولكن بصوت
ضعيف أضعف بكثير من صوت أغنية الذكر ، ولكن هذه الأغنية الضعيفة تفعل في
الذكر عند سماعها فعل السحر حيث تجعله يشعر بنشاط عجيب مفاجئ فيعزف
أغنيته بقوة وعاطفة ويسرع بالطيران في اتجاه مصدر صوت أغنية
الأنثى ، وفي هذه الأثناء يتبادلان الغناء حتى يتلاقيا ، ولا تنتظر الأنثى
الذكر حتى يتلاقيا بل تطير هي أيضاً في اتجاهه اختصاراً للوقت !.
وهكذا نرى أن الأغنية عند تلك الحشرات أصبحت لغة متعددة المعاني
من الممكن فهمها وإدراكها والاستجابة لها ، لا بين أفراد جنس النوع الواحد
فحسب بل بين أفراد الجنس الواحد ، إذ أن من شأنها إحداث حالة مزاج
معينة تدفع الحشرة للتصرف تصرفاً معيناً وتسهل لقاء الذكر والأنثى بل وتعمل
على سرعة هذا اللقاء !.
وربما تكون صراصير الغيط أكثر الحشرات أنغاماً ، ولقد ميز العلماء منها أكثر من
ألفي نوع ، وهذه الأنواع ليست مغنيات وإنما عازفات على الكمان. فعلى أحد
أجنحتها غشاء تغطيه نتوءات ، وعلى الجناح الآخر أسنان حادة كالمبرد ، ويستطيع
صرصور الغيط بحك جناح على الآخر أن يحدث أنغاماً مختلفة تماماً كما يفعل عازف الكمان
عندما يحك قوسه على الأوتار !.
ويحدث صرصور الغيط هذا نغمة عالية وثانية منخفضة وثالثة مكتومة ، ويمكن
سماعه في ليلة ساكنة على بعد ميل تقريباً ، وتصغي الأنثى لموسيقاه بآذان على أرجلها !.
وأكثر أفراد الأسرة موهبة هو خفار الشجر الثلجي ، ولقد سمع أحد أفراده
يكرر نغمته الموسيقية أكثر من ألفي مرة ، وكان غيره يصرصر بصورة مستمرة
بواقع تسعين مرة في الدقيقة ، وبهذا المعدل يمكنه أن يصرصر أربعة ملايين
مرة في شهرين ، ويجب أن تكون أجنحته متينة حقاً حتى تتحمل كل هذا العذاب !.
ولكن قائد فرقة الحشرات الموسيقية هو بعد (( السيكادا )) وهو بخلاف الجفار ليس
من نوع عازف الكمان ، بل ضارب على الطبلة !. إذ أن له تحت أجنحته غشاءً مستديراً مثل الطبلة
على سطحه حزوز وتتحكم فيه عضلات دقيقة ، وتضغط السيكادا هذه الأغشية إلى الداخل
والخارج فيحدث ذلك صوتاً.
وهناك حشرة موسيقية أخرى تسمى (( كاتي ديد )) تنتمي إلى أسرة النطاط ، ولكنها لا تشبهه.
وفي الليالي الحارة يضيف مقطعاً إلى أغنيته القصيرة ، وكلما انخفضت درجة الحرارة وجدناه يحذف
مقطعاً من الأغنية واحداً بعد الآخر مع انخفاض الحرارة ، ويسكت عن نغمته الأخيرة عندما
تنخفض درجة الحرارة إلى درجة معينة !.

هذا ، وبالإضافة إلى الأصوات التي تحدثها بعض الحيوانات
كوسيلة للتفاهم ، فإن بمقدور بعضها – كالببغاء وغراب الزرع – أن تنطق بكلمات
الإنسان فعلاً نطقاً مستقلاً عن الغناء. ولا يمكن إنكار أن هذه الأصوات قد يكون لها مضمون
(( فكري )) معين.
فبمقدور كثير من الببغاوات الرمادية اللون مثلاً أن تقول (( صباح الخير )) مرة واحدة
في اليوم في الوقت المناسب !.
كما أنه بمقدورها أن تقول للزائر الذي يستعد للرحيل (( انتظر )) أو (( مع السلامة )) !!.
كذلك كانت الببغاء رمادية اللون التي كان يربيها عالم الطيور (( فون لوكانوس )) قادرة
على أن تنطق كلمة (( هو يفش )) وبغش هذا هو اسم هدهد كان يقتنيه صاحبها. وحدث
أن مات بفش ، فاعتقد العالم أن الببغاء لا بد وأن تنسى اسمه بسرعة. ولكن بعد مرور سنوات
تسع حدث أن التي صاحبها بهدهد آخر ، وبمجرد أن أته ساحت (( هو يفش ... هو يفش ! )) .
وهذه (( بابا جاللو )) ببغاء أمزوتية جميلة كانت تمتاز بمقدرة غير عادية على الكلام ، إذ كانت
تطير في سماء قرية (( التنبرج )) بالنمسا باحثة عن سيدها
وهي تقول : أين الدوق؟ .... أين الدوق ؟ !! . وذات مرة بينما كانت تجلس
فوق الآلة التي تبين اتجاه الريح فوق منزل صاحبها ، جاء منظف المداخن ،
وبمجرد أن هم بالتنظيف إرتغدت وصاحت (( منظف المداخن وصل .... منظف المداخن وصل !! )) .

التفاهم عن طريق الضوء : إذا كان اللون والشكل والحركة تعتبر أدوات للتفاهم
بين كبير من الحيوانات في ضوء النهار فكيف تكون لغة التفاهم بين حيوانات تعيش
في الظلام ؟. إن معظم هذه الحيوانات تستخدم مزيداً من الوسائل الكيماوية والسمعية
والشمية ، وهذا يعني وجود أعضاء أكثر تطوراً وأكثر حساسية للشم واللمس والسمع. ومن
الحيوانات التي تعيش في الظلام وتنشط في الليل ما يستخدم وسائل بصرية للتفاهم على
هيئة إشارات ضوئية ، وهذا الضوء الذي تشعه ليس مجرد انعكاس لأشعة الشمس كما يحدث
في بعض الحيوانات التي تنشط في ضوء النهار ، ولكنه يتكون داخل الحيوان نفسه.
ومن أمثلة الحيوانات التي تتفاهم عن طريق الضوء الحشرات والقشريات والرخويات والأسماك
المضيئة ، حيث لهذه الحيوانات أعضاء حسي تمكنها من التقاط الإشارات الضوئية إلى جانب
أعضاء تنتج الضوء.
ولإنتاج الضوء في هذه الحيوانات وسيلتان ، إذ يستمد بعضها الضوء من مصادر خارجية ،
أي يقترض الضوء ، ويسمى بالضوء ، المستعار مثل زرع بعض أنواع البكتريا المضيئة في داخل
أعضائها ، فتنتمي لهذا النوع بعض الأسماك التي تعيش في أعماق البحار والمحيطات. أما بعضهما
الآخر فإن إشعاعه للضوء يكون نتيجة لوجود أعضاء تفرز مواد تشع الضوء تحت
ظروف معينة ، أي ذات ضوء ذاتي ، كما هي الحال في الحشرات المضيئة ومعظم
اللافقاريات البحرية المضيئة وبعض الأسماك.
ومن المعروف أن أي ضوء عادي يكون مصحوباً بطاقة حرارية ، ولكن
الضوء الذي تنتجه هذه الحيوانات لا تصحبه حرارة ، ولذا أطلق عليه اسم (( الضوء البارد )) .
وعند استخدام الضوء الذاتي كإشارات للتفاهم فإن هذا يقتضي دقة شديدة حتى
لا يحدث أي التباس في فهم تلك الإشارات ، سواء في طول مدة الإشارة الضوئية أو قوة
أضاءتها أو حجم مساحة الضوء ، إذ لو اختل عنصر من هذه العناصر فإن المعنى المقصود
إرساله عن طريق الإشارة يلتبس على الطرف الآخر الذي يشاهدها.
التفاهم عن طريق الرائحة : تقوم الحيوانات بتحديد المنطقة التي تعيش فيها
بوسائل مختلفة الفرص منها إخطار رأي حيوان غريب بأن هذه المنطقة محرم
عليه اقتحامها وأنه سيهاجم بقسوة إذا اقتحم حدودها !.
ومعظم الحيوانات تقيم حاجزاً يدل على حدود منطقتها ، والعلامات التي
تؤدي هذه المهمة قد تدركها الحيوانات الأخرى عن طريق الرائحة ، أي ينقل
إليها هذا الإخطار عن طريق الأنف. ونجد ذلك في بعض الثدييات المزودة بغدة خاصة
بالقرب من قاعدة الذيل. وتصب بعض محتويات هذه الغدد ذات الرائحة النفاذة في أماكن
معينة عند حدود المستعمرة فوق بعض الأحجار أو جذوع الأشجار أو فوق الأرض ! .
وقد توجد هذه الغدة في بعض الحيوانات خلف القرون ، وقد تستعيض بعض أنواع الحيوانات
بالبول بدلاً من إفراز الغدد !.. وهذه الروائح تعتبر ، سواء كانت عن طريق الغدد الخاصة أو البول ،
نوعاً من التفاهم تدركه جميع الحيوانات الكائنة خارج حدود المنطقة ، وتفهم ما ترمي إليه وكأنها
تقرأ لافتة مكتوب عليها: (( ممنوع على الغرباء اجتياز هذه الحدود فهذه حدودنا ولا نسمح
لأي فرد آخر من أي نوع باجتيازها )).
وقد يستعملها أفراد المستعمرة للرجوع إلى المكان الذي تحركوا
منه نفسه حيث نراهم عائدين في طوابير طويلة فوق هذه العلامات التي
عن طريق الرائحة المنبعثة فيها تدرك الطريق الذي سبق أن سلكته عند تحركها ،
كما تفعل بعض الفئران وبعض أنواع النمل حيث ترى من بعيد كخطوط سوداء وكأنها
قطار يسلك طريقاً محدداً لا يحيد عنه.
وقد تبدو طريقة تحديد الطريق غريبة بالنسبة لنا ، كما هي الحال
في وحيد القرن ، حيث يتم عن طريق البول الذي يصبه في أثناء سيره
مستخدماً ذيله كوسيلة لرش هذا البول فوق الأشجار والشجيرات المحيطة
بمنطقة نفوذه ، وبهذا يحدد هذه المنطقة.
وبعض الثدييات تصب بولها على يديها ثم تمسحه في أقدامها حيث يسهل عليها
استخدامه كعلامات في اثناء سيرها ، ويكون مرشداً لها عند عودتها حيث تسلك
الطريق نفسه وذلك عن طريق الشم !.
وتستخدم بعض الثدييات أكلة الحشرات لعبابها لهذا الغرض حيث تبصق في
الأرض أثناء سيرها ، وتستخدم هذا البصاق كعلامة للطريق بالرائحة التي تنبعث منه !.
كما تلجأ بعض ذكور الثدييات التي تميز إناثها بصب بعض قطرات البول على جسدها ،
وبهذه الوسيلة تمنع أي فرد آخر من النوع نفسه من الاقتراب منها !.


مع تحيات عمر الريماوي